بسم الله الرحمن الرحيم
الحركة الطلابية ودورها في بناء المجتمع
تعتبر الحركة الطلابية من أهم الركائز التي يقوم عليها المجتمع ، ينطبق هذا على الغرب كما ينطبق على الشرق ، وعلى العالم الغربي كما على العالم الإسلامي .
ولقد أدرك المستعمرون هذه الحقيقة ، فغيروا استراتيجية غزوهم التي كانت تقوم على القوة العسكرية والاحتلال ، واستبدلوها بالتبشير والكتب والجامعة .
وإذا كانت الوسيلة الأولى تكلف المستعمرين أموالاً ودماء ، فإن الوسيلة الثانية ا تكلفهم أكثر من الدهاء في التعامل والتخطيط السليم ، والتسلل عن طريق التربية والتعليم لإعادة تشكيل العقل عند الطلبة والطالبات .
ولقد نجحوا عن طريق هذه الوسيلة أن ينشئوا في بلادنا جيلاً أطلقوا عليه اسم ( جيل النهضة ) له من حضارتنا الاسم فقط ، ومن الإسلام الشكل ومن العروبة اللغة ، وله من الغرب الفكر والهدف والوسيلة ، ولقد حرصت الدول الاستعمارية أن تفتح لها مدارس وجامعات في معظم بلاد المسلمين ، وما زالت هذه المدارس والجامعات مطابخ لإعداد السياسة الغربية ، ففي جامعة ( روبرت كوليج الأمريكية ) في استانبول كانت تطبخ المؤامرة على الدولة العثمانية ، ومن الجامعات الأمريكية في بيروت والقاهرة وأنقرة كانت وما تزال تطبخ الكثير من المؤامرات الأمريكية ، وما زالت الجامعة الأمريكية تنتشر في البلاد الإسلامية وتفتح لها فروع أينما استطاعت .
أما الجامعات الوطنية في معظم الأقطار الإسلامية ، فإنها قامت على أيدي أساتذة غربيين خططوا لكل شيء فيها : الكتب التي تدرس ، والمناهج التي تطبق والأفكار التي تنتشر ، والدين الذي يهمش ، والسلوك الذي يُبعد تعاليم الإسلام ، وإذ بهذه الجامعات التي بناها الشعب بعرقه .. إذ بها محاضن لتربية أفراد يحاربون العقائد والأخلاق وف\قيم الأمة ، وينشرون الفكر الغربي ، وأمام هذا المد الفكري الخطير ، والمؤامرة التعليمية على تراث الأمة وأجيالها بدأت قوى الأمة المخلصة تستعد لإفشال هذا المخطط الرهيب الذي يستهدف الأجيال والمستقبل ، ولقد أدركت الحركات الوطنية المخلصة هذا الخلل وبدأت من يومها وبالوسائل القليلة المتاحة محاربة ومكافحة هذا التيار .
ومن هنا نشأ التاريخ الحديث للحركة الطلابية في العالم الإسلامي ، وهو تاريخ مشرف في كل بقعة من بقاع هذا الوطن الكبير ، حملت فيها الحركة الطلابية لواء أمتها ، تدافع عن ماضيها وتصنع حاضرها وتخطط لمستقبلها ، ولقد كانت الحركة الطلابية طوال القرن العشرين طليعة كل شعب في ثورته على المستعمر ، ووفود كل حرب بين الأمة وأعدائها ، وإذا كانت اليوم تحمل مشاعل التنوير والتقدم ، فما ذلك إلا امتدادا طبيعياً لتاريخها الطويل الناصع في قيادة الأمة . ولهذا كان لابد للأجيال اللاحقة أن تتعرف على تاريخ أسلافها ، لتفخر وتعتز بانتسابها له ، وتأخذ منه الدروس والعبر لتصنع حاضراً وغداً مشرق ، وتخطط لمستقبل باهر .